الاقتصاد (المال والأعمال)

الذهب يطارد “الأسهم” بالارتفاع والأسعار مرهونة بالدولار

ارتفعت أسعار الذهب خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 8%، وأثارت تلك النسبة إعجاب كثير من المختصين، خاصة أن أسواق الأسهم التي تمثل أحد أبرز المنافسين التقليديين للمعدن الأصفر، قد ارتفعت بشكل حاد أيضا على المستوى الدولي، وهو ما أثار قلق المستثمرين أن يؤدي هذا التحسن إلى جذب رؤوس الأموال بعيدا عن المعدن النفيس، ولكن هذا لم يحدث على أي حال حتى الآن.

ومع هذا لا يزال بعض المختصين في عالم إنتاج وبيع الذهب يدعون إلى التريث، فالعام لم ينته بعد، وعدم اليقين السائد حاليا في السياسة الدولية، نتيجة التوتر الراهن بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وما قد ينجم عن ذلك من توترات جيوسياسية، يجعل من الصعب التوقع بالمسار السعري المقبل للذهب.

فهل يشهد الذهب ارتفاعا سعريا قبل نهاية هذا العام وبدايات العام المقبل، أم أن القوى الاستثمارية الدولية ستبحث عن ملاذات أكثر أمنا وربحية من الذهب للاستثمار فيها خلال العام المقبل.

يعتقد المحلل المالي في بورصة لندن نيل برودي أنه من الصعب في الوقت الراهن الإدلاء بتقدير قاطع وحاسم بشأن المستقبل السعري للذهب.

ويقول إن “الذهب يتداول عالميا الآن بنسبة 30%، أقل من أعلى مستوى سعري بلغه على الإطلاق وهو1837 دولارا للأونصة، ومع إمكانية القول إن هناك اتجاها تصاعديا ملحوظا، بحيث بات الاستثمار في إنتاج الذهب أكثر جاذبية لكثير من المستثمرين الدوليين على المدى الطويل.

وهو ما قد يؤشر على إمكانية تحقيق زيادة في الأرباح في المدى المتوسط، فإنه يجب أن نأخذ في الحسبان أيضا سيناريو آخر محتملا، وهو الناجم عنه انخفاض الأسعار مع تراجع حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وهدوء الساحة السياسة الدولية، ما قد يقلل الاهتمام بالذهب كمصدر للاستثمار، بينما ستكون الأسهم وما تحققه من عوائد أكثر جاذبية للمستثمرين”.

ولكن وجهة نظر كارن اوبراين الباحثة في اتحاد السبائك البريطاني تبدو أكثر حسما، فهي ترى أن الاتجاه العام في سعر الذهب خلال الفترة المقبلة سيتسم بالانخفاض.

وتؤكد أن العامل الذي سيلعب الدور الأساسي في تحديد سعر الذهب مستقبلا هو الدولار الأميركي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع الذهب، وانخفاض قيمة الدولار يزيد من قيمة العملات الأخرى، ومن ثم يزداد الطلب على السلع الأساسية بما في ذلك الذهب، واقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإحداث أكبر تغيير في النظام الضريبي الأميركي من ثلاثة عقود، سيؤدي لارتفاع سعر الدولار، مدعوما في ذلك برفع أسعار الفائدة الأميركية، وعلى الرغم من أن الذهب تجاوز 1310 للأونصة عندما احتدمت الأزمة الكورية، إلا أن المعدن الأصفر فشل في الحفاظ على زخم الصعود، وانخفض سعره إلى 1270 دولار للأونصة، وهذا يدل على ضعف الاتجاه الصعودي للذهب.

ويتوقع انخفاض الأسعار بحلول كانون الأول/ديسمبر المقبل، حيث إنه إذا ارتفع معدل التضخم الأميركي، ستزداد فرص رفع أسعار الفائدة في نهاية العام، كما أن عائدات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات ارتفعت أيضا، وهذا كله لا يصب في مصلحة المعدن النفيس.

ومن وجهة نظر بعض المختصين يبدو هذا التحليل أكثر واقعية وانسجاما مع البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي. فخلال الربع الثاني من العام الجاري بلغ الطلب على الذهب نحو 953.4 طن أي أقل بنسبة 10 % مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.

كما تراجع طلب البنوك المركزية على الذهب بشكل طفيف، إذ بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب 176.7 طن بتراجع بلغ نحو 3 في المئة عن ذات الفترة من العام المنصرم، بينما شهد الطلب على السبائك والعملات الذهبية وكذلك المجوهرات تحسنا، إضافة إلى تحسن متواضع في طلب الصناعات التكنولوجية على المعدن الأصفر.

من جهته، يرى كلارك كامبل المختص في تجارة الذهب أن الهند هي المسؤول الأكبر عن زيادة الاستهلاك العالمي من المجوهرات الذهبية، إذ قفز الطلب الهندي من 89.8 طن في الربع الثاني من العام الماضي إلى 126.7 طن خلال الربع الثاني من هذا العام، وهو ما يرجع من وجهة نظره إلى زيادة الطلب في القطاع الريفي نتيجة تحسن المحصول وزيادة ربحية العاملين في القطاع الزراعي.

إغلاق