الاقتصاد (المال والأعمال)سلايد 1
“القلم الرصاص”.. 10 ملايين دولار واردات مكتبة واحدة
تعرض إعلان وزارة التجارة والصناعة عزم إحدى المجموعات التجارية المصرية إنشاء مصنع لإنتاج القلم الرصاص والجاف والأستيكة؛ لموجه من السخرية من رواد مواقع التواصل الاجتماعى، بسبب “تفاهة” الموضوع على حد تعليقاتهم، ولكن كعادة “السوشيال ميديا” لم يتعد اهتمام المعلقين حد السخرية ولم يدخل حيز التفكير حول أسباب ودلالات إعلان إنشاء مثل هذا المصنع فى الوقت الحالى بعد سنوات طوال.
تعتمد السوق المحلية على استيراد الأقلام الرصاص والجاف والأستيكة منذ فترة طويلة بنسبة تصل إلى 80%، كما أعلنت وزارة التجارة والصناعة من قبل، وذلك لعدة أسباب أهمها عدم وجود جدوى اقتصادية لتصنيعها فى مصر، لأنها تستورد بأسعار رخيصة من الخارج، لذا لم يكن هناك مجال لمنافسة المستورد، وهو ما يتفق معه المهندس محمود سرج رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد الصناعات المصرية وعضو مجلس إدارة الاتحاد، ولكن بعد تحرير أسعار الصرف أصبح هناك دافع اقتصادى بحت وجدوى اقتصادية “بحسبة المكسب والخسارة” لكل تاجر أو صانع، حيث أدى تحرير سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد من الخارج وهذا العنصر أصبح ميزة تنافسية كبيرة وفرصة استثمارية تتوافر فيها عناصر النجاح لكل رجل أعمال أو تاجر قرر التحول من التجارة إلى التصنيع، وهو ما يفسر إعلان الخطوة التى اتخذتها المجموعة التجارية العاملة فى الأدوات المكتبية للتحول من تاجر مستورد إلى صانع لمنتج مصرى يباع محليًا وصالح للتصدير بجودة عالمية.
وقال محمود سرج إن مصر تتكلف سنويا ملايين الدولارات لاستيراد عدد كبير من مكونات إنتاج أصبح من الممكن الاستغناء عنها بعد ارتفاع تكلفة الاستيراد وتأسيس صناعات صغيرة ومتوسطة مغذية للمصانع والشركات الكبرى، وقدر حجم استيراد المجموعة التجارية صاحبة مشروع الأقلام الرصاص فى هذا البند فقط وحدها نحو 10 ملايين دولار سنويا، لذلك قررت المجموعة دراسة مشروع إنتاجه فى مصر للإنتاج المحلى والتصدير، كما يبلغ حجم استيراد مصر من “استيك الفلوس” نحو 70 مليون دولار سنويا، إلى جانب استيراد “رباط الجزم” أيضا بملايين الدولارات.
وكشف رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد الصناعات، عن إعداد اللجنة دراسة الهدف منها إنشاء صناعات صغيرة ومتوسطة مغذية للمصانع المصرية توفر البديل المحلى للمنتج المستورد، وتوفر العملة الصعبة على موازنة الدولة وفرص عمل للشباب الجاد، وتركز هذه الدراسة على 4 قطاعات مستهدفة، هى الصناعات المغذية لصناعة الجلود، وتشمل “أجزاء أحذية، الباتس، غراء ومواد لاصقة، أقمشة غير منسوجة وإن كانت مشربة أو مطلية أو مغطاة أو منضدة، لاتكس، ألواح أو رولات تكس، توك وأبازيم للأحذية والشنط”، والقطاع الثانى الصناعات المغذية لقطاع الملابس الجاهزة، وتشمل “حشو الجاكيت وحشو ياقات القمصان والأساور، قطع الغيار والمساطر والدواسات المتخصصة، سوست، خيوط وزراير، شرائط، تطريز “كوردون”، شماعات أغطية البدل، تيكيت”.
ويضم القطاع الثالث فى الدراسة الصناعات المغذية لقطاع الأخشاب، وتشمل “إكسسوارات الأثاث “المفصلات”، مجرى الدرج، دهانات، زجاج، مسامير وصواميل، عدد آلية بما فيها آلات غرز المسامير، أخشاب “MDF” وألواح معدنية، والقطاع الرابع هو الصناعات المغذية للأدوات المكتبية وتضم “القلم الرصاص، المسطرة، الأستيكة، براية، الأدوات الهندسية”.
وأكد محمود سرج، أن اللجنة تسعى لأن تكون نموذجًا ناجحًا فى توفير فرص إنشاء مشروعات صغيرة مغذية لصناعات كبيرة بالتعاون مع المصنعين أعضاء الاتحاد فى القطاعات المستهدفة الأربعة، وأن الفترة المقبلة ستشهد الإعلان عن مشروع مماثل لمشروع القلم الرصاص ولكن فى قطاع الصناعات المغذية للملابس الجاهزة، وهو مخصص لإنتاج أزرار البنطلونات الجينز، حيث إن مصر تنتج سنويًا نحو 200 مليون قطعة للبنطلونات الجينز ولا نستورد من الخارج سوى الأزرار الحديدية، بل هناك مصانع تعمل فى العاشر من رمضان والمنيا تصدر إنتاجها للخارج، كما يجرى حاليًا دراسة لمشروع مغذى آخر فى قطاع الصناعات الجلدية.
فى السياق نفسه، أكد المهندس علاء السقطى رئيس اتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن الصناعات المغذية يمكنها أن تحقق نقلة نوعية فى الاقتصاد المصرى، بحيث يتوقف الاعتماد على استيراد المكونات بشكل تدريجى وتوفير العملة الصعبة واستيعاب عدد كبير من العمالة المصرية، بالنظر إلى تجارب دول كثيرة أصبحت رائدة فى تطبيق هذا النموذج.
وأشار السقطى، إلى تجربة دولة فيتنام التى زارها الرئيس عبد الفتاح السيسى قبل أيام، حيث يقدر إجمالى صادراتها بنحو 170 مليار دولار، منهم 100 مليار دولار صناعات صغيرة ومتوسطة، وهو ما يعكس نجاح تجربة هذه الدولة منذ الثمانينات فى التحول من الاستيراد إلى تأسيس صناعات مغذية وصناعات كبرى وضعتها فى صدارة الدول الآسيوية المصدرة رغم أنها لا تمتلك أية موارد.
وذكر السقطى، والذى كان ضمن الوفد الذى شارك فى زيارة الرئيس السيسى الأخيرة إلى فيتنام، أن إجمالى صادرات دولة فيتنام من الأحذية والملابس الجاهزة فقط يساوى إجمالى حجم الصادرات المصرية سنويًا بالكامل.