أخبار
قمم تاريخية قمتان عربيتان في القاهرة والإسكندرية عام 1964 لمواجهة الخطر الصهيوني
شهد عام 1964 تحولاً تاريخياً في مسيرة العمل العربي المشترك، إذ شهد ذلك العام انعقاد قمتين عربيتين، عقدت القمة الأولى في القاهرة في 13 يناير عام 1964 بناء على اقتراح من الرئيس المصري جمال عبد الناصر في مقر الجامعة العربية في القاهرة. أما القمة الثانية فعقدت في قصر المنتزه في مدينة الاسكندرية المصرية، بحضور أربعة عشر قائداً عربياً.
انعقد مؤتمر القمة العربي الأول بمبنى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة في 13 من يناير 1964، بناءً على دعوة الرئيس جمال عبدالناصر، في أعقاب استيلاء إسرائيل على مياه نهر الأردن.
وجاءت دعوة الرئيس جمال عبد الناصر إلى عقد القمة عندما ألقى خطاباً في بورسعيد يوم 23 ديسمبر 1963 كعادته كل سنة في ذكرى جلاء القوات التي شاركت في العدوان الثلاثي عام 1956 (عيد النصر) طالب فيه بضرورة عقد اجتماع للرؤساء والملوك العرب لبحث التهديدات الإسرائيلية بتحويل مجرى مياه نهر الأردن. وقبل اجتماع القمة العربية اجتمع رؤساء أركان حرب الجيوش العربية في القاهرة يوم الخميس 26 ديسمبر 1963.
وكان المحفز الرئيس لهذا المؤتمر هو اقتراح إسرائيل بتحويل مياه بحيرة طبريا إليها. وفي ردة فعل على ذلك أيد الرئيس المصري جمال عبد الناصر خطة عربية بتحويل مصدرين لنهر الأردن هما نهر الحاصباني وبانياس.
استغرق المؤتمر أربعة أيام، وصدر عنه بيان ختامي تضمن أهمية الإجماع على إنهاء الخلافات، وتصفية الجو العربي، وتحقيق المصالح العربية العادلة المشتركة، ودعوة دول العالم وشعوبها إلى الوقوف إلى جانب الأمة العربية في دفع العدوان الإسرائيلي. كما تضمن البيان مجموعة من القرارات أهمها: إنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية، يبدأ تشكيلها في كنف الجامعة العربية بالقاهرة.
وردًا على ما قامت به إسرائيل من تحويل خطير لمجرى نهر الأردن. تقرر إنشاء «هيئة استغلال مياه نهر الأردن»، لها شخصية اعتبارية في إطار جامعة الدول العربية. مهمتها تخطيط وتنسيق وملاحظة المشاريع الخاصة باستغلال مياه نهر الأردن، وإقامة قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره، وتوكيل القائد الفلسطيني أحمد الشقيري أمر تنظيم الشعب الفلسطيني.
في جلسة القمة يوم الإثنين 16 يناير، تحدث الرئيس عبدالناصر قائلًا: «إن حركة الجيش تحتاج إلى مال، وإن موارد البلاد المطلة على إسرائيل محدودة، ولكن لا تنقصها القوة والأفراد، وما تحتاجه هو دعم مادى يمد الجيش بطاقته الحيوية وهى السلاح والعتاد والأجهزة المتطورة وتدريب أفراد قادرين وبناء حصون. وبما أن الدول التي أنعم الله عليها بنعمة البترول عدد سكانها قليل أو بعيدة عن جبهة القتال، تستطيع أن تسهم بمبالغ مادية لدعم الصمود والمواجهة لهذا العدو الذي تدعمه أمريكا والدول الغربية».
ووقف الملك سعود بن عبدالعزيز، وألقى كلمة قصيرة قال فيها: «أنا مع الرئيس في تحمل هذه الدول بعض الجهد للمعركة، ويكفي أنهم يضحون بالأرواح والمال أقل بكثير من بذل النفس. ومن هذا المكان تعلن المملكة العربية السعودية تخصيص مبلغ 40 مليون دولار دعمًا للمعركة».
وأعلن أمير الكويت الشيخ عبدالله الصباح: «لقد خصصنا 15 مليون دولار دعمًا للمعركة وهى معركتنا».
وقد تبرعت ليبيا في المؤتمر بمبلغ 55 مليون دولار لصالح المجهود الحربي العربي.
وقد تضمن البيان الختامي للقمة مجموعة من القرارات أهمها:
إن قيام إسرائيل خطر أساسي يجب دفعه سياسيا واقتصاديا وإعلاميا.
الدعوة إلى إنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية، يبدأ تشكيلها في كنف الجامعة العربية بالقاهرة
إقامة قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره. وتوكيل أحمد الشقيري أمر تنظيم الشعب الفلسطيني.
يجتمع الملوك والرؤساء العرب مرة في السنة على الأقل، على أن يكون الاجتماع المقبل في الإسكندرية في أغسطس 1964.
وبناء على قرار مؤتمر القمة بإنشاء كيان فلسطيني يعبر عن إرادة شعب فلسطين، وقيام هيئة تطالب بحقوقه لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره، كلف المؤتمر أحمد الشقيري، ممثل فلسطين في جامعة الدول العربية، الاتصال بأبناء فلسطين وإبلاغ مؤتمر القمة بالنتيجة.
بعد القمة قام أحمد الشقيري بجولة زار خلالها الدول العربية، واتصل بأبناء فلسطين فيها، وأثناء جولته تم وضع مشروع الميثاق والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقرر عقد مؤتمر فلسطيني عام، واختار الشقيري اللجان التحضيرية للمؤتمر في جميع البلاد العربية المضيفة للفلسطينيين. وعقد مؤتمر في القدس من 28/5 إلى 2/6/1964 وخرج المؤتمر بالعديد من القرارات أهمها إعلان قيام منظمة التحرير.
من جانب آخر، وفي في نفس العام عقد في 5 سبتمبر 1964، مؤتمر قمة عربي ثان بقصر المنتزه بالإسكندرية، وتم إنشاء فندق فلسطين خصيصا لاستضافة هذا المؤتمر والقادة العرب، وحضر هذه القمة أربعة عشر قائدًا عربيًا. وصدر عن المؤتمر بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها:
- وضع خطة العمل العربي الجماعي في تحرير فلسطين عاجلًا أو آجلًا.
- البدء بتنفيذ مشروعات استغلال مياه نهر الأردن، وحمايتها عسكريًا.
- الترحيب بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ودعم قرارها بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني.
- مواجهة القوى المناوئة للعرب، في مقدمتها بريطانيا؛ لاستعمارها بعض المناطق العربية واستغلال ثرواتها. وتقرر مكافحة الاستعمار البريطاني في جنوب شبه جزيرة العرب.
- مضاعفة التعاون وزيادة الإسناد الاقتصادي لدول المغرب العربي.
- الإيمان بالتضامن الإفريقي- الآسيوي، والاستبشار بنمو الوحدة الإفريقية.
- إنشاء مجلس عربي مشترك لاستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
- التوجيه بوضع خطة إعلامية
- تصفية القواعد الاستعمارية التي تهدد أمن المنطقة العربية وسلامتها، وخاصة في قبرص وعدن.
- الترحيب بدعوة العاهل المغربي الملك الحسن الثاني إلى عقد لقاء مؤتمر القمة القادم في شهر سبتمبر لعام 1965، بالمملكة المغربية.