أخبار
ما مواقف مرشحي الرئاسة من القضايا المصرية الرئيسية؟
تشهد ملامح البرامج الانتخابية التي أعلنها مرشحو الانتخابات الرئاسية في مصر، المقرر إجراؤها مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، نقاط تباين بعدد من الملفات السياسية والاقتصادية، فيما جاء التوافق بين المرشحين الأربعة حول الموقف من القضية الفلسطينية والتضامن مع أهالي قطاع غزة والتنديد بالعدوان الإسرائيلي، مع الحد من مظاهر الإنفاق الدعائي بسبب الظروف الحالية.
ومن المقرر أن تبدأ عملية التصويت داخل مصر في العاشر من ديسمبر المقبل، لمدة ثلاثة أيام. وتضم قائمة المرشحين ثلاثة أسماء، إلى جانب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وهم: فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، وحازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري.
وينتظر أن تعلن حملة السيسي رؤيته في مؤتمر صحافي بوقت لاحق، حسب رئيس الحملة الانتخابية المستشار محمود فوزي، الذي أكد أن ما سيعلن ستكون بمثابة رؤية وليس برنامجاً انتخابياً.
وتصدر الوضع الاقتصادي وأزمة «سد النهضة» الإثيوبي النقاط الخلافية ببرامج المرشحين باعتبارهما أكثر القضايا الداخلية إلحاحاً في الوقت الحالي، مع استمرار إثيوبيا في استكمال مراحل إنشاء السد، وتواصل المؤشرات السلبية للاقتصاد المصري بالتضخم المرتفع الذي سجل الشهر الماضي 38.5 بالمائة، وتواصل الانكماش الاقتصادي، وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار في السوق الموازية.
ويرى المرشح الرئاسي حازم عمر، أن معالجة الوضع الاقتصادي تتطلب علاجاً للاقتصاد المصري بشكل هيكلي كامل من خلال إزالة الضرائب والرسوم عن الغذاء والدواء الذي يستخدمه الفقراء ومحدودو الدخل، بالإضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع الأعباء الضريبية التي يتحملها المواطن.
بينما تعهد المرشح المعارض فريد زهران، بالعمل على جدولة الديون المستحقة على مصر، ومفاوضة الدائنين، في مبادرة إعادة هيكلة الديون للدول الأفريقية، وطرح مبدأ مبادلة الديون بالاستثمارات، وإلزام الحكومة باستراتيجية تقليص الدين العام، ومنع الاقتراض خارج تمويل المشروعات ذات العائد الاقتصادي المباشر.
فيما تبقى الأزمات الاقتصادية «عرضاً لمرض»، حسب رؤية المرشح عبد السند يمامة، الذي أعلن «رفضه التعامل مع صندوق النقد الدولي حال فوزه في الانتخابات»، منتقداً «السياسات الاقتصادية المتبعة التي أدت لتوقف التصنيع والإنتاج وعدم امتلاك حسن إدارة الموارد وغياب فقه الأولويات في تنفيذ المشروعات، علماً بأن مصر تعد اليوم ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين».
ولم ير الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري من مرشحي الانتخابات الرئاسية، برنامجاً اقتصادياً واضحاً يتعامل مع الوضع الحالي حتى 2030، مشيراً إلى أن «كل ما جرى طرحه ومناقشته حتى الآن آراء حول التعامل مع بعض الجوانب الاقتصادية دون غيرها».
ورأى الإدريسي أن «مقترح عدم الاستعانة بصندوق النقد على سبيل المثال مقترح جيد في ضوء عدم تعامل كافة حكومات العالم مع الصندوق، لكن ما هي البدائل المتاحة وتكلفتها وفرص نجاحها؟»، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية نجحت في فترات سابقة بإدارة أزمات اقتصادية والتعامل معها دون اللجوء إلى الصندوق، سواء في التسعينات خلال فترة حكومة عاطف صدقي، أو في 2003 مع تطبيق خطة التعويم المدار لكن الظرف الآن مختلف».
سد النهضة
وبينما يتفق المرشح فريد زهران مع طريقة إدارة الدولة المصرية لملف «سد النهضة» خلال حكم السيسي، يؤكد المرشح حازم عمر أن مصر لم ولن تكون في يوم دولة عدوانية ولكنها تريد «تنمية مشتركة» في ظل ثوابت لن يتم الحياد عنها مع التأكيد على أن القاهرة لديها خطوط حمراء تستوجب «القوة الخشنة إذ تم استدعاؤها».
ويوجه يمامة الانتقاد لموقف النظام من «سد النهضة»، باعتبار أن تنفيذ السد جعل جزءاً كبيراً من الحل ليس في أيدينا، عاداً أن الحل العسكري انتهى وقته عام 2020، لأن المساس بالسد الآن سيؤدي لغرق السودان ومصر، لكنه انتقد استمرار مصر في اتفاق المبادئ الموقع عام 2015، الذي يقيد حق مصر في اللجوء لتسوية أي منازعة على السد إلا من خلال التفاوض.
لا يرى الدكتور عاطف السعداوي، الخبير بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، تبايناً كبيراً في الرؤية العامة للمرشحين في التعامل مع ملف «سد النهضة»، التي تنطلق من الرؤية العامة للدولة المصرية المتمثلة في استبعاد الخيار العسكري، والحديث عن المسارات التفاوضية المختلفة التي تؤكد أحقية دول حوض النيل في التنمية والاستفادة من مواردها، مشيراً إلى أن أيّاً من المرشحين لم يقدم رؤية للتعامل مع السد بعد بنائه.
وأضاف أنه لم ير من المرشحين رؤية واضحة أو تطرقاً إلى تبعات الملء الرابع للسد، أو رؤية اقتصادية للتعامل مع الآثار السلبية المحتملة بسبب تشغيل السد أو حتى آلية لإدارة الموقف حال حدوث نقص في كميات المياه، الأمر الذي جعل مختلف الطروحات في التعامل مع الموضوع مرتبطة بمبادئ عامة من دون الخوض في التفاصيل بقضية تعد اليوم قضية أمن قومي أكثر منها قضية مرتبطة بالسياسة الخارجية.