سياسة وعلاقات دولية
تعديلات قانون السكة الحديد.. مخاوف من فتح الباب أمام “الخصخصة”.. ومصادر: هناك نية لرفع الأسعار
تعديلات كثيرة يقرها مجلس الوزراء هذه الأيام، في ظل خطة الدولة للإصلاح الاقتصادي، والتي تتطلب بعضًا من قوانين تخدم التوجه الاستثماري والاقتصادي الذي تتبعه الحكومة، فما بين تعديلات لقانون الاستثمار، وأخرى على الضرائب، وغيرها على كثير من القوانين التي لم يتم تحديثها منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، خرج وزير النقل الدكتور هشام عرفات، عقب اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، صباح اليوم، ليعلن موافقة مجلس الوزراء بالإجماع على تعديل نصوص قانون السكة الحديد رقم ١٥٢ لسنة ١٩٨٠.
نص القانون
في عام 1980، صدر القانون رقم 152بشأن إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، ونص على أن للهيئة شخصية اعتبارية، وتقوم بإدارة السكة الحديد، كما تختص الهيئة – دون غيرها – بإنشاء وتشغيل شبكات السكك الحديدية على المستوى القومي، وتطوير هذه الشبكات، لتصبح الهيئة المسؤول الوحيد عن كل ما يتعلق بسكك حديد مصر دون غيرها، ولا يحق لأي طرف آخر، سواء حكومي أو خاص التدخل في شؤونها.
تصريحات الوزير
خرج وزير النقل الدكتور هشام عرفات، بعد اجتماع الوزراء ليعلن الموافقة على تعديل نص القانون، مضيفًا أن الدولة بعد التعديل تحولت من فاعل إلى مراقب على السكة الحديد، وأن للقطاع الخاص الحق في القيام بأعمال صيانة، وإنشاء خطوط جديدة وذلك في إطار عقد ١٥ سنة فقط، مؤكدًا أن الإمكانيات المادية للسكة الحديد لا تستطيع أن تفي بما يخدم الجمهور وأنها كانت تنقل ٦ ملايين سنة 1952، والآن تنقل ٣٥٠ مليون مواطن في السنة.
ووقعت وزارة النقل، في يونيو الماضي، مذكرة تفاهم، لدراسة تغيير قانون السكك الحديدية، ونصت على أن مدة الدراسة ٨ أشهر، بعدها سيتم تغيير القانون المنظم للهيئة، على أن يتولى مكتب هانى سرى الدين للاستشارات، مراجعة مسودة القانون الجديد مع البنك الدولى قبل إرسالها إلى مجلس الوزراء والبرلمان، إلا أن حادث الإسكندرية الأخير، أجبر الوزير على
تعديل جزء من مسودة المشروع، ليدخل القطاع الخاص فى التشغيل وإنشاء خطوط جديدة.
نص التعديل الجديد
وكشفت مسودة القانون الجديد للسكك الحديدية، أنه سيتم السماح للأشخاص الاعتباريين والطبيعيين بإنشاء وتشغيل شبكات السكك الحديدية على المستوى القومى وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة.
وتتكون من المواد التالية..
المادة الأولى:
يُستبدل بنص المادة ٢ من القانون ١٥٢ لسنة ١٩٨٠ بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر النص التالى: “تختص الهيئة أو غيرها من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين بإنشاء وتشغيل شبكات السكك الحديدية على المستوى القومى وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض وتطوير خدماتها الخاصة بها فى جميع أنحاء الجمهورية، وفى سبيل تحقيق ذلك يجوز منح التزام إدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية بموجب قانون لمدة أقصاها 15 عاما، على أن تؤول جميعها للدولة فى نهاية مدة الالتزام، دون مقابل، وبحالة جيدة صالحة للاستعمال”.
كما تم إضافة نص لتغليظ عقوبات الحبس وتشديدها لتكون الحبس بدلًا من الغرامة، وذلك لحيازة مكونات أو مهمات السكة الحديد دون مستند، وإلقاء المخلفات الزراعية القابلة للاشتعال أو القمامة، أو مخلفات المباني، أو الإضرار بخطوط السكة الحديد والحفر بجوارها دون تصريح مسبق، وغيرها من المخالفات، وذلك بهدف وقف هذه التعديات التي تضر بمرافق الدولة وتهدد سلامة المواطنين.
المادة الثانية:
يلغى القانون رقم ١٤٩ لسنة ٢٠٠٦ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١٥٢ لسنة ١٩٨٠ بإنشاء هيئة السكك الحديدية.
المادة الثالثة:
يُنشر هذا القانون بالجريدة الرسمية.
وفي هذا السياق، قال النائب محمد بدوي، عضو لجنة النقل إن القانون 152، الخاص بتنظيم الهيئة القومية للسكة الحديد، كان ينص على أن الهيئة هي المتفرغة الوحيدة بكل ما يخص السكة الحديد، وهو ما وقف عائقًا أمام الحكومة لتطوير القطاع، من خلال إدخال رؤوس أموال خاصة، أو خصخصة الإدارة أو غيرها من الأمور، مؤكدًا أن تعديل المادة يفتح خيارات أخرى أمام الحكومة.
وأكد “بدوي” أن مرفق السكة الحديد، مرفق هام واستراتيجي، ولا بد من الاهتمام به وتطويره، مشيرا إلى أن خسائره وصلت إلى 50 مليار جنيه، وأنه يخسر منذ التسعينيات، كما أن مصاريف تطويره كبيرة ولن تستطع الدولة الحصول عليها، مع الظروف الاقتصادية الراهنة، مضيفا أنه تمت الموافقة على القانون بمجلس الوزراء وسيتخذ مسيره الطبيعي حتى يصل إلى لجنة النقل بالبرلمان، والتي ستنظر في مواده، وتقر القانون من عدمه، مؤكدًا أن أعضاء اللجنة تناقشوا مع الوزير وكانوا على علم بكل خطوات إعداده.
وبسؤاله عن هل يعني القانون الجديد خصخصة السكة الحديد، أجاب النائب مطمئنا أفراد الشعب، بأن القطاع لن يخصخص كاملًا، بل سيشارك المستثمر بمشروعات محددة، بحق انتفاع أقره القانون الجديد لمدة 15 سنة، ننظر أن نمدها إلى 30 عاما، حتى يستطيع المستثمر أن يحصل أمواله التي صرفها في المشروع، ثم تعود ملكية المشروع للدولة، ضاربًا مثالا على مد مستثمر لخط سكة حديد جديد، وتكلفته لكافة مرافقه وبنيته التحتيه، ليظل مستفيدًا منه مدة 15 عامًا، ثم تؤول ملكيته للدولة، حسب القانون الحالي.
وأضاف عضو لجنة النقل بالبرلمان أن السوق أصبح مفتوحًا أمام الجميع، ويستطيع الجميع استخدام البدائل، فالمشروع الاقتصادي الذي سيكلفه المستثمر، وتكون تعريفته مرتفعة الثمن يستطيع المواطن “الغني” استخدامه، وفي المقابل تبقى الخطوط القديمة كما هي يستخدمها المواطن محدود ومتوسط الدخل، تفعيلا للشرائح المجتمعية، شارحًا أنه وبتعديلات القانون يسمح للقطاع الخاص أن يمد خطوط موازية للخطوط الحالية، وسيترك الخيار للمواطن في التعامل مع من يفضل.
وأشار “بدوي” إلى أن الخصخصة ليست “بعبع” كما يشير البعض، معلقًا على من يدعي أن الحكومة ترغب في بيع الشركات: “الشركات فاشلة، وقطاع الأعمال فاشل، وهذا نظام اشتراكي أدى بنا إلى مرحلة الفقر والجهل والمرض”، مؤكدًا أن كل ما يحدث لصالح الفقير ومحدود الدخل، حيث أن الحكومة ستقوم بإدخال عوائد الاستثمارات لتطوير الخطوط والمرافق المخصصة لمحدودي الدخل في النهاية.
بينما قال مصدر بالسكة الحديد –فضل عدم ذكر اسمه، إن القانون الجديد يسمح للمستثمرين بأن يحلوا مكان الهيئة القومية للسكة الحديد، حيث سيتاح لهم إنشاء وتشغيل خطوط جديدة لنقل الركاب والبضائع، وهو ما يعني أن مرحلة جديد ستبدأ، وأن زيادات قادمة في الأسعار ستتم.
وأشار المصدر إلى أنه عقب إصدار القانون سيكون من حق الهيئة التعاقد مع أي مستثمر مصري كان أو أجنبي، ومن حقه أن يختار طبقًا للشروط التي سيعلن عنها، أي إدارة أو قطاع للاستثمار به، وليس بالضرورة أن ينشئ مشروعًًا جديدًا، مؤكدًا أن إرث السكة الحديد كبير، وأن القطاع ممتلئ بالفساد الذي ينفر المستثمرين من العمل به.
وأفاد الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن القانون جاء متأخرا سنوات طويلة، وأن الخطوة سليمة، متسائلا عن كيفية تطبيق القانون، خاصة وأنه يجب أن تضع الدولة محدود الدخل والفقراء نصب أعينها وقت التنفيذ.
وأضاف “الدمرداش” أن الدولة تقوم بالإنفاق على مرفق السكة الحديد منذ بدايته، لكنه يحقق خسائر تراكمية وصلت إلى 50 مليار جنيه منذ التسعينات، وأنه يجب على الحكومة أن تمنح حق تشغيل وإدارة بعض الخطوط للمستثمرين، بدلا من الإنفاق عليها سنويًا، مع الاستفادة من إيرادات التشغيل.
واقترح الخبير الاقتصادي أن تمنح الدولة القطاع للمستثمرين، لتطويره وتشغيله، مع دعم المواطنين من مستحقي الدعم، من فئات فقيرة أو محدودة الدخل أو طلاب ومعاقين وغيرهم من الفئات المتعارف عليها، على أن يتم الاتفاق مع الشركة على أن تمنحها الدولة مقابل ذلك بعض الإعفاءات الضريبية أو التسهيلات الاستثمارية، بحيث أنها لا تخل باقتصاديات التشغيل، فلا تخسر الشركة نتيجة تخفيض الأسعار لشرائح بعينها، أو يتأثر المواطن الفقير، مضيفًا أن إي مؤسسة لا تدار من منطلق اقتصادي لا بد وأن تفشل وهو ما وقعت به سكك حديد مصر.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الدولة التي لا تطبق المقترحات السابقة، تكون دولة “فاشلة”، وأنه يجب على الدولة أن تراعي التوازن في أي مشروع، مضيفًا أن أي دولة تدير المشروعات على أساس غير اقتصادي هي دولة لا بد وأن تفشل.
اهل مصر .