أخبار

ظاهرة فلكية فريدة ينتظرها الملايين غدًا.. احتفال مصر بتعامد الشمس على معبد أبوسمبل

أكد دكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة جامعة الوادي الجديد أن الروايات المطروحة بشأن ظاهرة تعامد الشمس على غرفة قدس أقداس معبد أبو سمبل تتمثل في الرواية الأولى هي أن المصريين القدماء صمموا المعبد بناءً على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعي وموسم الحصاد.

أما الرواية الثانية فهي أن هذين اليومين يتزامنان مع يوم مولد الملك رمسيس الثاني ويوم تتويجه على العرش وهذه الرواية لم تلق قبولاً بين أغلب علماء الآثار والباحثين.

وأي كان الأمر فظاهرة تعامد الشمس هي معجزة فلكية بكل المقاييس، حيث إن يومي تعامد الشمس مختارين ومحددين قبل عملية نحت المعبدين في أبوسمبل، وإن دل هذا فيدل على ما وصل إليه المصريون القدماء من معرفة تامة بأصول علم الفلك وحسابات كثيرة لتحديد زاوية الانحراف لمحور المعبد عن الشرق بجانب المعجزة في المعمار بأن يكون المحور مستقيم لمسافة أكثر من ستين متراً ولا سيما أن المعبد منحوت في الصخر.

وأشار الحصري أن هناك معابد أخري تتعامد عليها الشمس بخلاف معبد أبو سمبل الكبير حيث نلاحظ أن عدد المعابد والمقاصير المصرية القديمة المسجلة أثرياً على مستوى جمهورية مصر العربية يقارب حوالي 330 معبدا ومقصورة, منهم فقط عدد 27 معبدًا ومقصورة الذين تتوجه الزاوية الأفقية لمحاورهم الرئيسية نحو محور الشرق الحقيقي, وأغلب تلك المعابد والمقاصير اقترنت بالمجموعات الهرمية لملوك الدولة القديمة على خلاف معبد “أبو سمبل” المنتسب إلى من معابد الدولة الحديثة، ونلاحظ أن الشمس تتعامد بشكل دوري على 14 معبداً مصرياً قديماً – وليس معبد أبو سمبل وحده، حيث تتعامد أشعة الشمس على معابد “أبوسمبل، والكرنك، وحتشبسوت، وقصر قارون”، وغيرها من المعابد المصرية القديمة، وهذا في حد ذاته ليس بالصدفة، إنما يرجع هذا إلى الدراية الكاملة لقدماء المصريين بعلوم الفلك وبخاصة حركة الشمس الظاهرية في السماء، وهي في مضمونها تعتمد على أن الشمس في شروقها وغروبها تمر على كل نقطة خلال مسارها مرتين في السنة، حيث أن التعامد يكون على مكان بعينه عند شروق الشمس وينحرف بمقدار ربع درجة تقريبا يوميا ذهابا إلى أقصى الشمال الشرقي حتى 23.5 درجة صيفا، ثم إيابا إلى أقصى الجنوب الشرقي حتى 23.5 درجة شتاء.

أما ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني فهي من أهم المظاهر التي تميز معبد أبو سمبل عن غيره من معابد المصريين القدماء دخول أشعة الشمس في الصباح المبكر إلي مكان بداخله يسمى “قدس الأقداس”على مدى أكثر من 3000 عام، ووصولها إلي التماثيل الأربعة، فتضئ هذا المكان العميق في الصخر والذي يبعد عن المدخل بحوالي ستين متراً. وهذه الظاهرة تم اكتشافها في 1874م، علي المستكشفة “إميليا إدوارذ” والفريق المرافق لها، وتم تسجيلها في كتابها المنشور عام 1899م بعنوان “ألف ميل فوق النيل”.

ففي يومي 22 أكتوبر، 22فبراير من كل عام يتسلل شعاع الشمس ليهبط فوق وجه الملك رمسيس فيضاً من نور يملأ قسمات وجه الفرعون داخل حجـرته في قدس الأقداس في قلب المعبد، ثم يتكاثر شعاع الشمس بسرعة مكوناً حزمة من الضوء تضئ وجوه التماثيل الأربعة داخل قدس الأقداس.

ولفت الحصري أن ظاهرة تعامد الشمس في أبو سمبل ظاهرة فلكية فريدة ينتظرها الملايين حول العالم حيث أن ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رعمسيس الثاني داخل معبد أبو سمبل، تعتبر من الظواهر الفريدة، والتي تدل على براعة المصري القديم في العلوم المختلفة وخاصة علم الفلك والهندسة، حيث ينتظر الملايين حول العالم هذه الظاهرة الفريدة من نوعها والتي تحدث مرتين في العام لتدل علي عظمة المصريين القدماء في البناء والتشييد وعلم الفلك والعلوم الأخرى.

وحول نقل معبدي أبو سمبل بعد تعرضهم للغرق أشار الحصري إلى أنه قد تم تشييد معبد أبوسمبل لعبادة الإله آمون رع، والإله رع حور، والإله بتاح حتب بالإضافة إلى عبادة الملك رعمسيس الثاني نفسه، حيث يتكون معبد أبوسمبل من معبدين وهما : معبد أبوسمبل الكبير للمك رعمسيس الثاني، ومعبد أبوسمبل الصغير لزوجته ومحبوبته الملكة نفرتاري، ويقع المعبدين على الضفة الغربية لبحيرة ناصر، ويبعدا عن مدينة أسوان بحوالي 290 كيلومترًا باتجاه الجنوب الغربي للمدينة، وقد استغرق بناء معبد أبوسمبل عشرين عامًا، حيث بدأ بناؤه تقريبا في عام 1244 ق.م وحتى عام 1223 ق.م.

وبعد اكتشاف المعبدين علي يد جيوفانى بيلونزى ورصد ظاهرة التعامد علي يد “إميليا إدوارذ” وأثناء بناء السد العالي تعرض معبد أبو سمبل للغرق عقب بناء السد نتيجة تراكم المياه خلف السد العالي وتكوين بحيرة ناصر، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار أبو سمبل والنوبة ما بين أعوام 1964 و1968.

ونتيجة لتهديد مياه البحيرة لـ معبد أبوسمبل دفع كلًا من الحكومة المصرية، ومُنظمة اليونيسكو في عام 1965 إلى نقل المعبد إلى مكان قريب من مكانه الأصلي الذي حُفر فيه، ولكن على ارتفاع يصل إلى 183 مترًا، وذلك من خلال تقطيع المعبد إلى أجزاء ثم نقله وإعادة تركيبة مرة أخرى، وتكلفت عملية نقل معبد أبوسمبل حوالي أربعين مليون دولار، وتم الانتهاء من نقله في عام 1968.

لا تتعامد الشمس على بتاح إله الظلام : 

حيث يتكون قدس الأقداس داخل معبد أبو سمبل الكبير من منصة تضم تمثال الملك رمسيس الثاني جالسا بجواره تمثال الإله رع حور أخته، والإله آمون، وتمثال رابع للإله بتاح، حيث تتعامد الشمس على وجه ثلاثة تماثيل فقط وهم تمثال: الملك رمسيس الثاني وتمثال الإله رع حور آختي، وتمثال الإله آمون أما عن التمثال الرابع فهو للإله بتاح فلا تتعامد الشمس على وجهه لأن المصري القديم كان يعتبره إله الظلام.

يذكر أن معبدي أبوسمبل تم اكتشافهم في الأول من أغسطس عام 1817م، عندما نجح المستكشف الإيطالي جيوفانى بيلونزى، في العثور عليها ما بين رمال الجنوب. وأن حدوث تعامد الشمس على تمثال رمسيس كان يحدث يومي 21 أكتوبر و21 فبراير قبل عام 1964، إلا أنه بعد نقل معبد أبو سمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق تحت مياه بحيرة السد العالي في بداية الستينات من موقعه القديم، والذي تم نحته داخل الجبل إلى موقعه الحالي، أصبحت هذه الظاهرة تتكرر يومي 22 أكتوبر و22 فبراير، وذلك لتغير خطوط العرض والطول بعد نقل المعبد 120 متراً غرباً وبارتفاع 60 متراً، وتستغرق ظاهرة تعامد الشمس 20 دقيقة وقد تصل إلي 25 دقيقة في بعض الأحيان.

حيث تدخل الشمس من واجهة المعبد لتقطع مسافة 200 متر لتصل إلى قدس الأقداس لتضيء ثلاثة تماثيل من الأربعة الموجودة في داخله :

وهم تمثال رع حور آختي إله الشمس، وتمثال رمسيس الثاني الذي يتساوى مع الإله، وتمثال آمون إله طيبة في تلك الحقبة، أما التمثال الرابع للإله بتاح رب منف وراعي الفن والفنانين وإله العالم السفلي فلا تصله أشعة الشمس، لأنه لابد أن يبقى في ظلام دامس مثل حالته في العالم السفلي، ثم تقطع أشعة الشمس 60 متراً أخرى لتتعامد على تمثال الملك رمسيس الثاني وتمثال آمون رع إله طيبة، صانعة إطاراً حول التمثالين بطول 355 سم وعرض 185 سم.

المصدر : بوابة أخبار اليوم

إغلاق