للوهلة الأولى تبدو البنايات البسيطة المطلة على نهر النيل، بقبابها الدائرية وألوانها الزاهية، معرضا يتنافس فيه مصممون معماريون مهرة لاستعراض إبداعاتهم في فنون الزخرفة.
وكلما اقتربت منها أكثر يستوقفك جمالها، وقد يدفعك الفضول لزيارة هذه البقعة التي تخطف الأنظار من بعيد بعناصرها الجمالية المتناسقة.
إنها قرية غرب سهيل الواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل بمحافظة أسوان جنوبي مصر.
قرية مفتوحة أبوابها طوال اليوم، تفوح من ديارها رائحة كرم الضيافة المعروف عن أهل النوبة.
فبمجرد أن تطأ قدماك أرض هذه القرية فأنت مدعو لدخول أي بيت تشاء ومعايشة نمط الحياة النوبية الهادئة.
وقال عدي وليلي وهما زوجان من إندونيسيا: “هنا يمكنك التجول بين مظاهر الحياة النوبية، وتأمل فنون الزخرفة الهندسية الملونة التي يتميز بها البيت النوبي، والاستمتاع بأحد مشروبات الضيافة التقليدية التي تشكل مكونا ثقافيا محليا، دون أن يطالبك أحدهم بدفع أي مقابل مالي إلا ما تقرر أنت دفعه طواعية”.
من جانبه، قال حسين المصري من أبناء قرية سهيل النوبية: “شيئا فشيئا تفاعل سكان غرب سهيل مع شغف السائحين بالتعرف على الثقافة النوبية فعمدوا إلى تطوير أنشطة سياحية بسيطة حولت بيوتهم إلى وجهة مفضلة للسائحين”.
وأضاف: قبل أكثر من مئة عام احتضنت منطقة غرب سهيل فوجا من الأسر النوبية التي وجدت فيها مجتمعا بديلا عن بيوتهم بعدما غمرتها المياه مع تعلية خزان أسوان ليؤسسوا قرية صغيرة، لكنها لا تشبه قرى مصر ذات الطابع الريفي التقليدي في شيء، فخصوصيتها الجغرافية والتاريخية والاجتماعية منحتها مكانة رفيعة داخليا وشهرة واسعة خارجيا.
مزيج مثالي نجح سكان القرية في استغلاله ليصبح مصدر دخلهم الأساسي، فطور بعضهم فكرة الضيافة السياحية في البيوت النوبية، عبر تخصيص غرف إقامة فندقية داخل بيوتهم ليعيش السياح هنا الحياة النوبية بتفاصيلها المميزة المندمجة مع الطبيعة والمنفصلة عن التكنولوجيا الحديثة.
وقال خالد وجدي وهو صاحب بيت ضيافة نوبي: نقدم منتج سياحي جديد ليعيش الزبون تجربة الحياة في قرية سياحية.
قرية تعيش على أنشطة سياحية متنوعة استوعبت سكانها بما تمتلكه أيديهم من مهارات فائقة في حرف تراثية متعددة، على رأسها المنسوجات والمشغولات اليدوية، إلى جانب تقديم خدمات ترفيهية مستوحاة من البيئة المحلية.
بدورها، قالت إيمان، عثمان سيدة أعمال نوبية: “الست النوبية قوية جدا ولديها جينات فنية وأعمل مع مجموعة منهم على إنتاج ملابس يدوية ومشغولات للزينة يقبل عليها السياح بحب”.
مظاهر الثقافة المحلية بثرائها وتنوعها تبدو طاغية على معالم القرية، فكل بيت هنا اتخذ لنفسه اسما نوبيا يعبر عن أحد معاني الضيافة.
الطعام المقدم هنا لا يخلو بدوره من لمسة نوبية مميزة في مكوناته الأساسية من الخضروات المطبوخة على الطريقة المصرية والخبز السميك المعروف بالخبز الشمسي، إضافة إلى الأغاني النوبية ذات الألحان المبهجة التي تتسلل إلى مسامعك بعذوبتها طوال فترة إقامتك هنا.
المصدر : سكاي نيوز عربية