تعليم

عمرها 87 عاما.. مصرية تخوض امتحان محو الأمية

بعمر السابعة والثمانين، جلست المصرية زبيدة الصعيدي على مقعدها المخصص لأداء الامتحانات، وفي عقلها حلم النجاح، وتجاوز امتحان محو الأمية، واستكمال تعليمها.

زبيدة، التي أصرت على تعليم أبنائها الـ8 وشقيقاتها، بعد وفاة والدها حتى لا يتحدث إليهم أحد بسوء، قالت: “حلم حياتي كان استكمال تعليمهم. فعلت كل ما في وسعي حتى يكونوا ناجحين ومتفوقين، والآن حان دوري” هكذا تقول.

وتابعت الجدة لـ 13 حفيدا وحفيدة  في حديثها : “كنت أقف خلف سور مدرسة أولادي، حتى أرى الباب مغلق، وأطمئن عليهم. لم يكن لدي أي شك أن تعليمهم سيفتح لهم أبواب الرزق والنجاح”.

وعن تأديتها لامتحانات محو الأمية، قالت:”أحلم بالحصول على الشهادة، فالتعليم عز ونجاح للنفس قبل أي شيء آخر، فمن علمني حرفا صرت له عبدا وهو ما يوضح أن العلم والمعلم لهم مكانة كبيرة في حياتنا”.

انضمت السيدة المصرية المولودة في إحدى قرى مركز شبين الكوم التابع لمحافظة المنوفية شمال العاصمة القاهرة إلى مبادرة “لا أمية مع تكافل” التي تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي، لمحو أمية أسر برنامج “تكافل”.

ما هي مبادرة لا أمية مع تكافل؟

تستهدف مستفيدي برنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل وكرامة”.

نجحت في فتح ما يقرب من 9 آلاف فصل على مستوى الجمهورية من بداية يوليو حتى نهاية ديسمبر الماضي.

تعمل على محو أمية القراءة والكتابة للمستفيدين، ويتم العمل بالشراكة مع الهيئة العامة لتعليم الكبار.

قاربت وزارة التضامن على الانتهاء من وضع منهجية خاصة بها تحتوي على مجموعة رسائل تنتهجها في عملها لتكون جزءا تعليميا وآخر توعويا.

يتم الاستعانة بحملة المؤهلات من مستفيدي “تكافل” لفتح الفصول ومكلفات الخدمة العامة.

إصرار على التعليم

وحكت السيدة المصرية: “والدي لم يحب تعليم الإناث، وكان يرى أن تعليمهم ليس له فائدة، غير أنني بعد وفاته كان لدي إصرار على تعليم أخوتي البنات، وعملت لسنوات طويلة حتى أرى ثمرة نجاحهن حاضرة بين الناس، لم أبخل في سبيل ذلك بأي شئ، وبفضل من الله تمكنّ جميعا من النجاح”.

تزوجت زبيدة وهي في الثامنة عشر من عمرها، وأنجبت، وأصرت على تعليم أولادها على الرغم من مشقة الحياة حينها، ففي سبيل ذلك عملت في التجارة والبيع والشراء، ووصل بها الحال لبيع بعض المنتجات البسيطة أمام مدرسة أولادها كي تتابعهم وخوفا عليهم من التسرب من التعليم.

وأضافت: “كنت أتمنى أن أتعلم، وحاولت كثيرا أن أقلّدهم وهم يكتبون واجباتهم المدرسية، ولكنني فشلت في تلك الفترة لأنه لم يكن لدي أي خبرة على الإطلاق، بجانب الأوقات الصعبة التي عشتها في سبيل توفير لهم نفقاتهم اليومية”.

حماس غائب

في سبتمبر الماضي عرضت إحدى الميسرات المكلفات من وزارة التضامن الاجتماعي على “الحاجة زبيدة” التعلم في برنامج وزارة التضامن، فوافقت على الفور: “كان لدي الحماس الغائب منذ عشرات السنين، حينها أدركت أن عليّ تنفيذ تلك المهمة التي أجّلتها طويلا”.

وخوفا من ميسرة الفصل على صحتها وكبر سنها وتعرضها لأي أذى، عرضت عليها أن تأتي لمنزلها وتعلمها، غير أن رغبة السيدة المصرية كانت التعلم في الفصل: “حلمي كان الجلوس على مقعد الطلاب والتعلّم معهم”.

في الوقت نفسه يقول الدكتور سمير الفقي، رئيس وحدة المعرفة والبحوث بوزارة التضامن الاجتماعي: “نعمل في 27 محافظة مصرية وبتوجيهات من وزيرة التضامن الاجتماعي، ونستهدف المسجلين على قواعد البيانات أو غير المسجلين بداية ممن أعمارهم تتجاوز الـ16 عاما، ونصل لمختلف القرى والنجوع مهما كانت بعيدة أو نائية”.

وتابع الفقي في حديثه: “قررنا أن يكونوا المدرسين أو الميسرين من برنامج تكافل وكرامة لكي نزيد من دخلهم الشهري أو أن يقوم بذلك أبنائهم، وقبيل ذلك يتم عمل تدريبات لهم بالشراكة من هيئة تعليم الكبار”.

وعن الحاجة زبيدة، أشار وحدة المعرفة والبحوث بوزارة التضامن الاجتماعي إلى أنها “نموذج ملهم للجميع، حقّقت مثال أن كبر السن ليس عائقا أمام التعلم، لها منا جميعا كل تقدير على جهودها في سبيل تحقيق حلمها. فطالما كان هناك رغبة في التعلم فعلينا مساعدتها بكل الطرق”.

“عدد من الأفراد يقومون بمتابعة العملية التعليمية بداية من رئيس الوحدة ومدير الإدارة الاجتماعية وصولا حتى وزيرة التضامن الاجتماعي التي تولي أهمية كبرى لمحو أمية الأفراد من خلال الحملة، وهنا محو الأمية ليست للقراءة والكتابة فقط ولكن محو الأمية الرقمية أيضا” حسب قوله.

وأكد المسؤول المصري: “الأفراد هم من يحددون المكان والميعاد المناسب لهم، نحن مجرد أدوات تنفيذية لرغبتهم في التعلم، نصل إليهم ولا ننقلهم من أماكنهم، فرغبتنا هي راحتهم ومحو أميتهم”.

المصدر : سكاي نيوز عربية

 

إغلاق