الاقتصاد (المال والأعمال)
وزيرة التخطيط: تعافي الاقتصاد المصري من آثار كورونا سيكون بطيء
أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الإثنين، أن جميع مؤشرات الاقتصاد المصري كانت في أفضل حالاتها قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، وهو ما ساعد في انخفاض تأثير حدة صدمة انتشار الفيروس.
وأضافت السعيد خلال لقاء مع عدد من الصحفيين، أن الوضع الحالي جيد بفضل الطفرة التي حدثت في الاقتصاد القومي بعد الانتهاء من مرحلة الإصلاح الاقتصادي والتي بدأت في 2016، ساهمت في قدرة الاقتصاد على امتصاص صدمات الأزمة، حيث إن الاقتصاد المصري متنوع ويعتمد على جميع القطاعات وليس قطاع بعينه.
وقالت إنه رغم شدة الأزمة إلا أنها في الوقت ذاته تخلق فرصًا يمكن الاستفادة منها، موضحة أن لدينا إمكانية النهوض بقطاع الصناعة، حيث يعد الوقت الحالي هو الوقت المثالي لتوطين الصناعة في ضوء انخفاض الواردات لتأثر سلال التوريد العالمية مع وجود فرص كذلك لنفاذ الصادارات المصرية لبعض الأسواق.
وأكدت السعيد أن إجمالي العمالة غير المنتظمة التي تضررت بعد توقف قطاعاتها بسبب كورونا، هم ما يقرب من ٢.٥ مليون عامل، وأنه تم حصر ما بين ٨٠٠:٩٠٠ ألف عامل سيتم صرف إعانة لهم، وهو ما تعمل عليه الدولة حاليًا.
وأشارت إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات بمساندة القطاعات التي تضررت سواء من خفض سعر الفائدة، وتأجيل كل المدفوعات لشركات القطاعات المتضررة.
وأوضحت أنه دائمًا الأزمة تخلق فرصة، لدينا فرصة جيدة في قطاع مثل الزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأنه بالرغم من الأزمة إلا أنه ما زالت لدينا قطاعات تعمل بقوة وتحقق معدلات نمو جيدة مثل الزراعة، والصناعة، بينما هناك قطاعات توقفت تمامًا، مثل السياحة والطيران، وأنهم سيأخذون وقتا للتعافى خلال الفترة المقبلة.
وقالت وزيرة التخطيط إنه مما لاشك فيه أن نظام الاقتصاد العالمى سيتغير، وأن العالم ما بعد كورونا سيتجه نحو الاعتماد على الذات، والتركيز بشكل أساسي على الموارد المحلية، والاستثمار العام لمساندة اقتصاداتها، وسيتم مراجعة خطة التنمية المستدامة، وسيتم الاهتمام بالأمن الغذائي، ولدينا ميزة تنافسية لزيادة حجم الصادرات الزراعية، وتوطين الصناعة المحلية، لافتًا إلى أن لأول مرة انخفض معدل الواردات في مارس.
وأكدت أن أول سيناريو بدأت الحكومة في وضعه كان يتوقع انتهاء التأثيرات في شهر فبراير، ثم حاليًا يونيو أو سبتمبر أو ديسمبر، وبناء على هذا وضعنا سيناريوهات لمواجهة هذا الأمر، مؤكدة أن ليس كل القطاعات تنمو بشكل سلبي، وأن اقتصادنا متنوع، وأن قطاعات مثل التشييد والبناء والصناعة، والزراعة ما زالوا يعملون بشكل جيد، بينما توقف قطاع السياحة، والنقل الجوي.
وتابعت السعيد أن الأزمة الحالية وتداعياتها تأتي في توقيت سيئ للغاية للاقتصاد العالمي في ضوء العديد من المتغيرات الاقتصادية والسياسية، موضحة أن اتساع بؤرة خطر انتشار الفيروس إلى جميع دول العالم أثر سلبًا على سلاسل التوريد والسياحة وحركة الطيران، والتجارة والشحن، فضلًا عن انعكاسه سلبًا بانخفاضات وتذبذب الأسواق المالية، مشيرة إلى أن ذلك أثر أيضًا على تراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ 2014، موضحة انه من المحتمل أن تتطور المخاطر الاقتصادية والمالية التي تواجه دول العالم لتشمل مخاطر السيولة والتمويل والإفلاس لبعض القطاعات، ومنها الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
ولفتت السعيد إلى توقعات أبرز المؤسسات الدولية لدخول العالم حالة ركود إثر الأزمة الحالية، مشيرة إلى توقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بخسارة بواقع 2 نقطة مئوية في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، وتعرُض العديد من اقتصاديات الدول إلى حالة الركود، حسب توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي أوضح ذلك، حيث إن التجارب السابقة أفادت بأنه ليس هناك دولة قادرة وحدها على مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية.
وأوضحت السعيد أن العديد من المؤسسات الدولية خفضت توقعاتها بشأن معدلات النمو الاقتصادي العالمي بعد انتشار الفيروس بقيم تراجع تتراوح بين 2.0% و3.0% موضحة أن خسائر التوظيف المتوقعة على مستوى العالم وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي تبلغ 50 مليون وظيفة على مستوي العالم وأوضحت السعيد أنه سيتم إجراء مراجعة لأولويات أجندة التنمية المستدامة من المؤسسات العالمية على خلفية الأزمة الحالية.
وتناولت السعيد الحديث حول الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول للتعامل مع الأزمة، والتي تضمنت سياسات مالية تحفيزية تمثلت في تأجيل مدفوعات الضرائب للأفراد والشركات، وتغطية نسبة من أجور العاملين، ومساعدات لمحدودي الدخل فضلًا عن عدد من السياسات النقدية تتضمن تخفيض سعر الفائدة، ضمانات قروض للبنوك، توسع البنوك المركزية في شراء الأصول والسندات السيادية مع دعم القطاعات المتضررة بتوفير السيولة والائتمان وتخفيف الأعباء عن القطاعات المتضررة مثل السياحة، الطاقة، المشروعات المتوسطة والصغيرة.
وأوضحت أن جميع مؤشرات الاقتصاد القومي المصري كانت في أفضل حالاتها في النصف الأول من العام المالي الحالي فيما يخص معدلات النمو الاقتصادي والبطالة والتضخم وإيرادات السياحة، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي 5.6% في النصف الأول مقارنة بـ 5.4% في نفس فترة المقارنة من العام 2018/2019، كما ارتفع معدل الاستثمار ليصل إلى 18.5% في النصف الأول من العام المالي الحالي مقارنة بـ 16.9% فضلًا عن زيادة في نسبة المشتغلين لنسبة 26.6% وتحقيق 8% معدل بطالة، وتابعت قائلة: «نتوقع قدر من التعافي في معدلات النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام المالي المقبل من يناير».
وأضافت أن الدولة المصرية قامت منذ بداية الأزمة في فبراير بوضع سيناريوهات للتعامل معها حال وصولها لمصر، وتضمنت 3 سيناريوهات، الأول باحتمالية انتهاء الأزمة في يونيو بنهاية العام المالي الحالي 2019/2020 وذلك باحتمالية بلغت 20%، والسيناريو الثاني باحتواء الأزمة في الربع الثالث من العام 2020 شهر سبتمبر باحتمالية 50%، والسيناريو الثالث باحتواء الأزمة بنهاية ديسمبر 2020 بنسبة احتمالية تبلغ 30%.
وحول التأثير المحتمل على الاقتصاد المصري، أوضحت السعيد أن مسار التعافي من المتوقع أن يأخذ شكل «U» نظرًا لامتداد الأزمة لأغلب دول العالم، وفي كافة القطاعات، متابعة أنه بالرغم من شدة الأزمة الحالية إلا أنها في الوقت ذاته تخلق فرصًا يمكن الاستفادة منها تتمثل في إمكانية النهوض بقطاع الصناعة، حيث يُعد الوقت الحالي هو الوقت المثالي لتوطين الصناعة في ضوء انخفاض الواردات لتأثر سلاسل التوريد العالمية، مع وجود فرص كذلك لنفاذ الصادرات المصرية لبعض الأسواق.
وذكرت أن بعض القطاعات لديها المرونة والقدرة على احتمال الأزمة الحالية، مثل قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الأمر الذي يستلزم تقديم قدر من المساندة، متابعة أنه في حالة التعافي فإن القطاعات لا تتعافى بصورة مماثلة ولكن من المتوقع أن التعافي سوف يكون بطيء في معظم القطاعات، موضحة أن هناك قطاعات سوف تتأثر تأثرًا شديدًا بالأزمة مثل قطاع السياحة والصناعة.
وحول الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة المصرية، لفتت السعيد إلى قيام الدولة بدعم النشاط الاقتصادي ورفع القدرة الشرائية وتعزيز الطلب المحلي، إلى جانب تنشيط البورصة المصرية، وتقديم إجراءات متعلقة بدعم القطاعات الرئيسية المتضررة كقطاعات الصحة، الصناعة، السياحة فضلًا عن اتخاذ عددًا من الإجراءات مصرفية لتيسير المعاملات والحصول على الخدمات البنكية.
وقالت وزيرة التخطيط إن الدولة استطاعت توفير سياسات مالية ونقديه تحفيزية خلال تلك الفترة فضلًا عن مبادرات البنك المركزي، موضحة أنه لدينا فرصة جيدة جدًا في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات وخصوصًا مع نسبة السكان الكبيرة من الشباب بما يمثل فرصة في رفعة تكنولوجية.
وحول مساندة الفئات المتضررة، لفتت السعيد إلى توجيهات الرئيس السيسي بتوجيه منحة خاصة للعمال المتضررين، موضحة أن العمالة التي قد تتعرض للخطر في مصر من الذين يعملون لحسابهم الخاص ومنهم حوالي 800 إلى 900 ألف عامل في قطاعات السياحة، ومن قطاع النقل كذلك، مُتابعة أن اليوم بدء صرف تلك المنحة بشكل لائق وسيحصل العاملين على كارت لأول مره للدخول في منظومة الشمول المالي، لافتة إلى الجهد المبذول لتجميع قاعدة البيانات الخاصة بتلك العمالة وتقيدها لحصر من يستحق.